الآن يصبح فى إمكاننا أن نتطلع إلى المستقبل، وقبل الآن فإن مثل ذلك لم يكن ممكناً إلا بالاستغراق فى الأحلام أو الأوهام، وكلاهما لا تستسلم له الشعوب المناضلة، فضلاً عن أن تقع فيه بينما هى عند مفترق الطرق الحاسمة وأمام تحديات المصير.
قبل الآن لم يكن فى مقدورنا أن ننظر إلى أبعد من مواقع أقدامنا؛ فلقد كنا بعد النكسة مباشرةً على حافة جرف معرض للانهيار فى أى وقت. وكان واجبنا فى ذلك الظرف يحتم علينا - قبل أى شىء آخر- أن نتحسس طريقنا إلى أرض أصلب تتحمل وقفتنا، وأرض أرحب تتسع لحركتنا.
ولقد كانت جماهير الشعب بموقفها يومى ٩ و١٠ يونيو هى التى جعلت ذلك قابلاً للتحقيق؛ بفضل ما أظهرته من تصميم يرفض الهزيمة ويثق فى النصر. إن الموقف المؤمن والبطولى الذى اتخذته جماهير شعبنا فى ذلك الظرف العصيب، هو وحده الذى مكن للتحولات الهامة، التى وقعت منذ ذلك الوقت من أن تحدث فعلها وأثرها؛ بحيث يكون فى مقدورنا اليوم أن نقول بأمل فى الله عظيم: إنه الآن يصبح فى إمكاننا أن نتطلع إلى المستقبل. ومن دلائل الخير أن يكون ذلك فى مقدورنا اليوم فى ذكرى عيد الهجرة بما تحمله إلى المؤمنين من معانى التضحية فداءً للمبدأ، والنضال المستمر من أجل الحق، والصبر على المشاق فى سبيل نصر الله عزيزاً وصادقاً.