مشروع مدينة نصر ..مدينة الطبقة الوسطى ..

يعكس مشروع مدينة نصر الكثير من التحولات التي شهدها المجتمع المصري منذ ثورة يوليو 1952 وحتى وقتنا هذا .. حيث مثلت في بدايتها الترجمة الحية للبرنامج الاجتماعي لثورة يوليو ، الذي ربط منذ فجر انطلاقه مسيرة التنمية بالعدالة الاجتماعية ووضع نصب عينيه هدف اعادة التوازن الطبقي المفقود للمجتمع المصري..وذلك عن طريق فتح ابواب الحراك الاجتماعي الصاعد امام الطبقات الدنيا بهدف تكوين طبقة متوسطة عريضة تصبح هي القلب النابض والقوى المحركة لمصر نحو مستقبلها .. ثم ما لبثت ان عاشت مدينة نصر مرحلة الانقلاب من الاشتراكية الى الرأسمالية في عهد الانفتاح الاقتصادي في السبعينات وما بعدها.. لتتحول معها مدينة الطبقة المتوسطة الى مدينة الاغنياء الجدد وتصبح حتى يومنا هذا تعبيرا صارخا عما احدثه هذا التحول من تشوه في المجتمع المصري كان نتيجته ما نعانيه الآن ..  
ميلاد مدينة نصر
جاء انشاء مدينة نصر احدى الخطوات التي خطتها الدولة الناصرية نحو اضافة مضمون اجتماعي للتنمية .. والتي نجحت الدولة الناصرية في ارساء قواعده  من خلال الكثير من الاجراءات والسياسات الهادفة الى التوزيع العادل للدخل وملكية رأس المال وتكافؤ فرص التعليم والخدمات المختلفة .. المرحلة التي فتحت الابواب على مصراعيها امام الطبقات المتوسطة والدنيا للحراك الاجتماعي الصاعد ، هذه بالاضافة الى تعزيز دور القطاع العام ودور الدولة في الحفاظ على مكتسبات تلك الطبقات ومنع الاحتكار واعادة الوضع الى مايجب عليه ان يكون ..
وقد عملت ثورة يوليو منذ اللحظة الاولى على تأكيد مضمونها الاجتماعي حيث نصت على ضرورة اقامة العدالة الاجتماعية في مواجهة الاستغلال والاستبداد . وتحدد المسار  الاجتماعي للثورة في ثلاثة اتجاهات اساسية..
تحقيق العدل الاجتماعي بتقريب الفوارق بين الدخول واصدار القوانين المنظمة للعلاقات الانتاجية في المجتمع
جهود حكومة الثورة لرفع مستوى المعيشة وزيادة الخدمات التي تضمن مستوى معيشيا ملائما للمواطن المصري في مجالات الغذاء والتعليم والصحة والاسكان والمواصلات والرعاية الاجتماعية والتأمينات الصحية والاجتماعية .
السعي في تطوير الثقافة القومية والشعبية للانسان المصري ليصبح على مستوى العصر والظروف الجديدة والمتغيرة (1)
وفي ظل تلك السياسات و الاطر العامة للحركة  الثورية المصرية ولدت مدينة نصر ..

حيث ظهرت الحاجة الى انشاء مدينة نصر مع انطلاق مشروع القاهرة الكبرى 1956 عاصمة الدولة الاشتراكية.. والذي هدف لتطوير البرنامج العمراني للقاهرة. بدأ بنقل الثكنات العسكرية بمنطقة قصر النيل وشق كورنيش النيل الحالي وغيرها من اعمال التطوير التي شهدها العمران القائم للقاهرة في تلك الفترة .. ونظرا لمحدودية الامكانيات التي تمنحها حدود القاهرة العمرانية في ذلك الوقت  ظهرت حتمية انشاء مدينة نصر  1958كمدينة مستقلة كاملة التكوين وفي الوقت نفسه تكون مرتبطة  ومكملة لمدينة القاهرة ، حيث ستقوم تلك المدينة بسد عدة ثغرات مكملة للتخطيط الشامل لمدينة القاهرة ،اهمها تخفيف الكثافة السكانية للمدينة القائمة عن طريق انشاء مساكن جديدة بها ، رفع كفاءة المدينة القائمة عن طريق نقل المنشآت الحكومية والوزارات من قلب القاهرة الى مدينة نصر هذا بالاضافة الى اضافة عناصر جديدة    كالمنظمة الاوليمبية ، ومنطقة السوق الدولية ، والتوسع في الخدمات التعليمية القاهرية عن طريق انشاء منطقة جامعية جديدة تجد فيها الجامعات المحصورة داخل نطاق القاهرة متسعا اكبر ، واستكمال البرنامج الطموح للتنمية الصناعية وخلق فرص عمل جديدة عن طريق انشاء المنطقة الصناعية بعيدا عن الكتلة السكنية .. 
 وهكذا فإن الهدف الرئيسي من المدينة لم يكن استيعاب نمو العاصمة بقدر ماكان فتح افاق جديدة امام المواطنين وطرح بدائل لمستوى العمران القائم بالفعل في القاهرة ، تطبيقا للرؤية العامة لسياسات الدولة التي تعمدت افساح المجال للطبقات الدنيا من المجتمع للانتقال من مكانتهم الى اخرى افضل و تحقيق لأحلام تلك الطبقة الناشئة في مدينة عصرية مخططة على اسس علمية ، متكاملة الخدمات . مدينة تتحلى بالطابع الثوري لمصر الناصرية وتخلد ذكرى النصر الذي حققه المصريون في تلك المرحلة الفارقة في حياتهم ..

الرؤية العامة لمدينة نصر

 التخطيط  ينبغى أن يكون عملية خلق علمى منظم ؛ يجيب على جميع التحديات التى تواجه مجتمعنا؛ فهو ليس مجرد عملية حساب الممكن ، لكنه عملية تحقيق الأمل .. 2
وبالفعل كان مشروع مدينة نصرتحقيقا لحلم مصر الناصرية في العدالة الاجتماعية وترجمة واقعية للمبادئ الثورية التي وجهت مسيرة التنمية .. فهي المدينة التي جسدت احلام البسطاء في حياة تذوب فيها الفوارق بين الطبقات ويتساوى الجميع في الحقوق والواجبات .. حياة تكفل للجميع عدالة توزيع الخدمات الاساسية وفرص العمل والارتقاء طبقا للكفاءة ..  ويمكن القول ان جوهر مدينة نصر يقوم على :

  • الحرية الاجتماعية هي اساس الحرية السياسية  ، و الحرية الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق إلا بفرصة متكافئة أمام كل مواطن فى نصيب عادل من الثروة الوطنية. .. لذا كانت لابد للمدينة الجديدة ان تكون  مدينة لهؤلاء الذين عاشوا دائما على هامش المدينة وعانوا من تدني مستوى معيشتهم ومحدودية الفرص المتاحة امامهم لتغيير واقعهم .وان يشعر مواطنوها بملكيتهم لها كما يلزم ان يشترك المواطن في بناء مدينته  .
  • ان العلم طريق تعزيز الحرية الإنسانية وتكريمها و العمل الإنسانى الخلاق هو الوسيلة الوحيدة أمام المجتمع لكى يحقق أهدافه .. ويجب ان توفر المدينة الجديدة المزيد من فرص العلم والعمل للشباب عن طريق احتوائها على المنطقة التعليمية واخرى ادارية و صناعية و تجارية ..
  • الانفتاح على العالم .. مصر تتطلع الى مكانتها التي تستحق بين دول العالم المتقدم ولا ينبغي ان تسير في طريقها نحو التقدم في عزلة عن العالم بل تظل دائما على تواصل معه وتبادل للخبرات في كل المجالات فلزم ذلك ان تحتوي المدينة على المجمع الرياضي الذي استهدف استضافة الدورات الرياضية الدولية وارض المعارض والسوق الدولية حيث يقام سنويا الاسواق والمعرض في كافة المجالات لتنقل لمصر ومن مصر كل جديد

اهداف انشاء مدينة نصر


  • 1 -  توجيه التعمير بمدينة القاهرة إلى الاتجاه الذى أسفرت عنه أبحاث التخطيط العام باستغلال الأراضى الصحراوية والمناطق التى تتخلل الأجزاء التى تم تعميرها ومن ضمنها منطقة مدينة نصر التى تقع بين وسط القاهرة وضاحية مصر الجديدة .
  • 2 – إزالة أثر من آثار الاستعمار البغيض بهدم ثكنات القوات البريطانية السابقة فى هذه المنطقة.
  • 3– تخفيف أزمة الاسكان بأحياء وسط القاهرة عن طريق إقامة مبان بمدينة نصر تنتقل إليها الأجهزة الحكومية وأجهزة القطاع العام التى تستأجر مكاتب بعمارات تلك الأحياء السكنية.ولقد صدر لذلك القرار الجمهورى رقم 616 لسنة 1962 وبنقل هذه الأجهزة بخف الضغط أيضا عن مواصلات وسط القاهرة.
  • 4 -  إقامة المبانى اللازمة لإسكان العاملين بالأجهزة الحكومية والقطاع العام بمدينة نصر فى نفس المدينة لتوفير متاعهم وأوقاتهم بالإضافة إلى تخفيف الضغط على المواصلات لاوالمرور العام داخل مدينة القاهرة.
  • 5 – توفير الأراضى اللازمة لتنفيذ كثير من المشروعات العامة للدولة والتى استجدت إليها فى النهضة الشاملة للبلاد  عقب قيام الثورة.
  • 6 – إقامة منطقة سكنية متكاملة على الأساس الاشتراكى التعاونى تكون مستوفاه للمرافق العامة ومبانى الخدمات دون التقيد بالاستغلال التجارى.
  • 7 – توفير أراضى مجهزة للبناء بأسعارة معتدلة لتنفيذ مشروعات الإسكان المتوسط التى تقوم بها الحكومة مع تخصيص مناطق أخرى للتعمير بواسطة القطاع الخاص ليساهم فى حل أزمة الإسكان.
  • 8 – فتح المجال لتخفيف كثافة السكان وسط القاهرة بتوفير مناطق مستجدة للتعمير يمكن النقل إليها من المناطق المكتظة عند إعادة تخطيطها.
  • 9 – ربط القاهرة بمصر الجديدة بشبكة من الطرق العرضية لتوفير مداخل إضافية للقاهرة من الشرق حتى لا يظل شارع الخليفة المأمون عنق زجاجة يقلل مرونة الحركة.

وهكذا بدأت مؤسسة مدينة نصر فى مباشرة مسئولياتها اعتبارامن 10/5/1959 تاريخ صدورالقرار الجمهورى رقم 815 لسنة 1959 بانشائها ولدى صدور القرار الجمهورى رقم 1899 لسنة 1961 بإنشاء المجلس الأعلى للمؤسسات العامة تبعت مؤسسة مدينة نصر بموجب أحكامه للمؤسسة المصرية العامة للإسكان والتعمير . ونظرا لما يحققه نظام الشركات المساهمة من مرونة فى تنفيذ المشروعات , فقد رؤى تحويل مؤسسة مدينة نصر إلى شركة مساهمة تتولى إدارة المشروع المذكور ويكون لها فى هذا السبيل الحصول على كافة الأراضى والعقارات وبيعها . وتأجيرها وكذا القيام بأعمال تقسيم الأراضى وتزويدها بكل أنواع المرافق اللازمة للتعمير والمتصلة به وإدارتها , وذلك فى منطقة العباسية ومدينة نصر وإنشاء واستغلال وتأجير وبيع جميع المبانى والأراضى والقيام بجميع العمليات العقارية والمالية والتجارية المتصلة بهذا النوع من النشاط. كما يجوز لها الاشتراك بأى وجه من الوجه مع الشركات والمؤسسات والهيئات التى تزاول نشاطا شبيها لمشروعاتها وللاعتبارات السابقة صدر القرار الجمهورى رقم 2908 لسنة 1964 بتاريخ 20/9/1964 بتحويل مؤسسة مدينة نصر إلى شركة عربية مساهمة تسمى « شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير»3

المخطط العام لمدينة نصر 1956-1958

قام بتصميم المخطط العام لمدينة نصر المعماري المصري سيد كريم ( 1911-2005) الذي استطاع أن يسهم في تخطيط معظم المدن العربية مثل الرياض و جدة و مكة المكرمة و الطائف و بغداد و دمشق و العقبة و نابلس و أبو ظبي وغيرها، كما وضع تخطيط القاهرة الكبرى  ومدينة الغردقة و سفاجا و مرسى علم،مما ساهم في نضج الفكر التخطيطي لسيد كريم  وهو ما نجده جليا في المخطط العام لمدينة نصر 4..
ووضع سيد كريم المخطط العام لمدينة نصر متأثرا في ذلك بالفكر الاشتراكي السائد في المجتمع المصري وقتها بل وفي المجتمع العالمي ايضا .. ووضع مخطط المدينة على مسطح 6000 فدان ويمتاز موقعها بالاتصال المباشر بجميع مداخل مدينة القاهرة .. ويجمع تخطيطها بين المركزية واللامركزية ..
فهي تعتبر مدينة مستقلة تبعا لموقعها الطبوغرافي ومساحتها وعدد سكانها ، وهي مرتبطة من حيث علاقتها بمدينة القاهرة ، ويحتوي المخطط العام للمدينة على عدة عناصر رئيسية مثل ..

  •  المنطقة الرياضية .. وتشمل المنطقة الاوليمبية 1.900.000 م2 التي تقع في قلب المدينة وتم تخطيطها على شكل حلقة مقفلة ، ويقع في مركزها استاد القاهرة الرئيسي و تم افتتاحه في 1960.. الذي وضع تصميمه ليتسع حوالي 85000 متفرج – في هذا الوقت – وتضم ايضا  المنطقة الرياضية مختلف الملاعب المكشوفة والمقفلة والمدرجات وممرات السباق ومباني ادارة الملاعب ومساكن الرياضيين .
  • منطقة المعارض الدولية وتشمل السوق الدولية و ارض المعارض على مساحة 620.000 م2 ( والذي يتم حاليا هدمه ) وكان من الاسس الرئيسية في اختيار منطقة السوق الدولية لمدينة القاهرة ان تكون على اتصال مباشر بالمدينة الاوليمبية حتى تتحقق فكرة اتصالها المباشر بمختلف شرايين النقل والمواصلات الخاصة بالمدينة وضواحيها المختلفة ..
  • المنطقة الجامعية على مساحة  260.000 م2 وضعت في الاصل لتكون مكملة لمدينة عين شمس الجامعية حيث ستقام عليها الكليات والمباني اللازمة للجامعة .. واقيم عليها بالفعل مقر جامعة الازهر التي تأسست عام 1961 وضم المقر كليات الجامعة المختلفة ..
  • المنطقة الادارية والمجمعات الحكوميةعلى مساحة  490.000 م2 وكان موقعها المقترح عند مدخل المدينة حيث تتصل اتصالا مباشرا بمدينة القاهرة ومواصلاتها الحالية وفي الوقت نفسه لا تتعارض مع الحركة الداخلية للمدينة ..ولم تنتقل الى المنطقة الحكومية في البداية كافة الوزارات المخطط لها بل بدأ الامر بالوزارات الجديدة التي لم يكن لها مقر داخل القاهرة وتبعتها بعض الوزارات 
  • المنطقة العسكرية وتقع على مساحة 810.000 م2 ملاصقة للمدينة الرياضية وعلى المحور الرئيسي لمدخل الاستاد حيث تقع ساحة الاستعراضات العسكرية والمنطقة الخاصة بها ..
  • المنطقة الصناعية وتم افتتاحها في 1961 ، وتقع جنوب المدينة على طريق الاوتوستراد في اتصال مع حلوان بحيث تقع المنطقة الادارية والتجارية الخاصة بها على الطريق مباشرة ، وتقع المنطقة الصناعية التي ستتركز فيها الصناعات الخفيفة فقط في خلية منعزلة ذات اتصال بالاوتوستراد( 4)

المناطق السكنية

 وتشغل مساحة  5.500.000م2  .. وهي المساحة التي تقرر تخصيصها لاستيعاب 40000 وحدة سكنية جديدة تغطي الحاجة الناتجة عن الزيادة السكانية .. هذا بالاضافة الى 30000وحدة لتقليل الكثافة السكانية القائمة بالقاهرة  و70000 وحدة أخرى لاستبدال تلك الوحدات المتردية الأوضاع والمستهدف هدمها داخل القاهرة القديمة (4) ..
وجاء قمة التطبيق للفكر الاشتراكي في مدينة نصر في تبني فكرة الاسكان التعاوني عن طريق تأسيس جمعية اسكان مدينة نصر ، حيث تقوم فكرة الاسكان التعاوني على ان يملك المواطن مسكنه ويشارك في بناءه لنفسه بنفسه طبقا لامكانياته ..
وجدير بالذكر ان نظام الاسكان التعاوني كان موجودا في القاهرة منذ الثلاثينات الا انه شهد طفرة في الفترة الناصرية نتيجة لتشجيع الحكومة له حيث قامت الدولة بدعم جمعيات الاسكان التعاوني عن طريق اقراضها بشروط ميسرة مع قيامها بالرقابة لمنع استغلال القروض في غير الغرض المخصص لها  ..  وكذلك  منحت الدولة التعاونيات الأفضلية على الأفراد والهيئات فى تعاملها مع الحكومة خصوصا فيما يتصل بالحصول على الأراضى والمبانى الحكومية والمناقصات والمزايدات التى تطرحها الحكومة وكانت الحكومة تمنح الأراضى للتعاونيات مقابل 25% من ثمنها كمقدم والباقى يقسط على فترات تتراوح بين 5-15 سنة وبدون فوائد .مما شجع على قيام الجمعيات التعاونية ..
وفى إطار اهتمام الدولة بالتعاونيات فقد صدر القرار الجمهورى رقم 319 لسنة 1961 متضمنا إنشاء المؤسسة العامة التعاونية للإسكان وذلك لتتولى تأسيس الجمعيات التعاونية للإسكان والإشراف على هذه الجمعيات بما يكفل لها الاستقرار والبعد عن الاستغلال علاوة على مد الجمعيات بالقروض والاعانات وقد نجح الاسكان التعاوني خلال النصف قرن الماضية قد نجح في توفير حق السكن لحوالي خمسة ملايين أسرة من محدودى ومتوسطى الدخل في مصر .
وقد تم تخطيط مناطق الإسكان المختلفة بمدينة نصر على الأسس الآتية:

  1. توفير أراضى بالمعدلات العلمية المناسبة لمختلف الأغراض الواجب توافرها فى كل منطقة.
  2. إقامة وحدات محدودة التعداد بما لا يتجاوز 10000 شخص لكل وحدة.
  3. تحديد كثافة للسكان تتراوح بين 100 , 200 شخص للفدان.
  4. توفير مبانى الخدمات اللازمة لكل وحدة وكذلك مبانى الخدمات اللازمة للخدمة المشتركة للوحدات المتجاورة.
  5. عدم تشجيع المرور العابر بين مختلف مناطق الاسكان والمناطق الأخرى المجاورة.
  6. توفير المساحات المناسبة من الأراضى الخضراء وتحديدها بحيث تكون بعيدة عن المرور الرئيسى  لتفادى أخطاره.
  7. توزيع المساحات الخضراء بين مناطق الإسكان بحيث يمكن الوصول لإليها فى حدود المسافات المسموح بها للمشى
  8. توزيع مدارس الحضانة والمدارس الابتدائية داخل المناطق وبعيدا عن أخطار المرور العام.
  9. تخصيص الأراضى اللازمة لإقامة الأسواق المحلية الصغيرة وكذلك ما يلزم لإقامة المجمعات الاستهلاكية العامة.
  10.  تخصيص أماكن لدور العبادة ومبانى الخدمات الصحية والشرطة والإسعاف والبريد وخلافة.
  11. وضع اشتراطات البناء الخاصة بكل منطقة بما يكفل تنفيذ المعدلات الموضوعة لها فى كثافة السكان , وتتضمن هذه الاشتراطات على الأخص نصوصا تكفل ما يأتى:


  • تحديد مسطح المبانى المقفلة بكل قطعة.
  •  تحديد مسافات للارتداد بخطوط البناء على واجهات الشوارع والحدود الجانبية والخلفية.
  •  تحديد حد أقصى للارتفاع بالبناء وعدد الأدوار السكنية.
  •  وضع حد أدنى مكشوفة لكل مسكن « فراندات أو بلكونات» ذات حد أدنى للمساحة والأبعاد بما يناسب وطبيعة جو جمهورية مصر العربية.
  • تحديد الحدالأقصى لمسطح المبانى بالبدروم والسطح.
  •  تحديد اشتراطات خاصة بالأسوار التى تبنى على الشوارع أو القطع المجاورة.
  •  تحديد مدة للانتهاء من بناء الدور الأرضى بالكامل .
  •  تضمين بعض مناطق الإسكان مساحات مخصصة للمبانى الحكومية لتوفير مساكن للعاملين بها بتلك المناطق

وقد وضع المخطط عدد من المناطق المخصصة للاسكان وهي المنطقة الاولى والثانية والسادسة والسابعة والثامنة وبالاضافة الى المنطقة السكنية بمنطقة امتداد رمسيس

1  - المنطقة الأولــــى وملحقاتها : ( منشية الاعـــــــلام)
عمارات التمليك بالمنطقة الاولى

     وهى أول منطقة بدأ تحضير تخطيطها التفصيلى فى أولى مراحل وضع الرسومات بالمدينة ولوعورة أرضها استغرق تزويدها بالمرافق العامة وقتا طويلا .. و نظرا لأن هذه المنطقة تطل على طريق النصر مباشرة وأن هذا الطريق قد أعد كمدخل لمدينة القاهرة من جهة السويس مما يجعلة عرضه للمرور السريع , لذلك فقد روعى عدم فتح أية شوارع على هذه الواجهة وتخصيص هذه الواجهة بالكامل وبعمق 100 مترا لاقامة منطقة مبان حكومية , وقد تم إقامة بعض مجمعات الإسكان الإدارى عليها بمعرفة وزارة الإسكان والمرافق  .  وقد الحقت المنطقة الاولى بمنطقة اخرى سكنية تبلغ مساحتها حوالى 57 فدانا وهى منطقة سكنية بحتة يقدر عدد سكانها بحوالى 10910 أشخاص بكثافة قدرها 191 شخصا للفدان , وتشغل المساكن مساحة تقدر بحوالى 43 فدانا أقيم عليها 21 عمارة من عمارات الإسكان المتوسط بيعت طبقا لنظام التمليك وتتكون كل منها من عشرة أدوار تتوسطها منطقة الخدمات الخاصة بهذه العمارات ومساحتها حوالى 14 فدانا وتضم مدرستين ابتدائيتين ومدرسة إعدادية كما تشمل هذه الخدمات أيضا متنزها عاما كبيرا وسوقا تجارية تضم 23  محلا لمختلف أنواع الخدمات التجارية ومجمعا استهلاكيا ونقطة للشرطة ومكتبا للتلغراف والتليفون.

2- المنطقة الثانية: ( منشيـــــــة الطيــــــــران )

عمارات قطاع خاص بالمنطقة الثانية
ويبلغ مسطح هذه المنطقة حوالى 93 فدانا 391232 مترا مربعا ويقدر عدد سكانها بحوالى 8000 شخص بكثافة قدرها 165 شخصا للفدان , وتقع على جزء من مطار مصر الجديدة سابقا ولاستواء أرضها وقربها من المرافق العامة أصبحت أولى المناطق التى بدىء فى تعميرها بالمدينة . وقد تضمن تخطيط هذه المنطقة إقامة منطقة للمبانى الحكومية والباقى لإقامة منطقة سكنية متكاملة لتوفير المساكن اللازمة للعاملين بالمنشآت الحكومية بجوار مقار أعمالهم للتخفيف من أزمة المواصلات التى تعانى منها مدينة القاهرة الكثير ولتوفير الوقت والجهد الذى يبذله العاملون فى تلك الجهات فى الانتقال الدائم من مقار أعمالهم إلى مساكنهم. وقد روعى فى تخطيط الجزء السكنى من هذه المنطقة تزويدة بأربعة مداخل مع تجميع الشوارع الداخلية عليها بطريقة تكفل تفادى المرور العابرفى المنطقة للمحافظة على هدوئها اللازم كمنطقة سكنية. وتشغل المساكن مساحة قدرها 53 فدانا من هذه المنطقة والباقى وقدره 40 فدانا خصص للمبانى الحكومية وقد تم إعدادها.
كما قامت المؤسسة المصرية العامة للإ سكان والتعمير والشركات التابعة لها ببناء 60 عمارة سكنية على مساحة قدرها 77107 أمتار مربعة تضم 1351 وحدة سكنية مكونة من 4,3,2 غرف وصالة تم بيعها بسعر 500 جنيه للغرفة بالتقسيط أصلا على خمسة عشر عاما بفائدة 5% ونظير دفع مقدم للثمن بلغ حده الأدنى 10% عدل أخيرا إلى التقسيط على 20 سنة وبفائدة 3% مع جعل المقدم5% لموظفى الحكومة والقطاع العام . كما قام القطاع الخاص بشراء 65 قطعة من الأرض بمساحات تتراوح بين 500 , 770 مترا مربعا لإقامة مبان سكنية بمعرفته عليها من ثلاثة أدوار سكنية تم بناء 35 منها.

تخطيط المنطقة السادسة.

  3-   المنطقة السادســـــة:

وتقع شرق المنطقة الأولى وبنفس العمق وتصل إلى الحد الشرقى للمدينة وتبلغ مساحتها 761 فدانا وهى تمثل منطقة سكنية أخرى متكاملة يقدر تعداد سكانها بحوالى 48908 أشخاص بكثافة قدرها 70 شخصا للفدان.وتتكون هذه المنطقة من أربعة أحياء مستقلة يتوسطها جزء مخصص للخدمات العامة والمركز التجارى للمنطقة بمساحة قدرها 48,5 فدانا وهى مصممة من الناحية التخطيطية طبقا للنظام والأسس الخاصة بالمنطقة الأولى .








4 – المنطقة السابعة:

وتقع قبلى المنطقة الاولى وتبلغ مساحتها 503 أفدنة  وهى تمثل منطقة سكنية متكاملة يقدر تعداد سكانها بحوالى 46455 فردا بكثافة قدرها 92 فردا للفدان الواحد. وتتكون هذه المنطقة من ثلاثة أحياء سكنية , وقد صممت الأحياء السكنية الثلاثة من الناحية التخطيطية طبقا للأسس والنظم  التى اتبعت فى تصميم المنطقة الأولى ومع تصغير مسطحات القطع فى الحى القبلى منها إلى 288 مترا مسطحا فى أغلب قطعة لإتاحة الفرصة لإقامة مساكن لذوى الدخل المحدود


5– المنطقة الثامنــــــــة:

وتقع قبلى المنطقة السادسة وشرقى المنطقة السابعة وتصل إلى الحدود الشرقية والقبلية للمدينة وتبلغ مساحتها 385 فدانا « 1616146 مترا مربعا» وهى تمثل منطقة سكنية متكاملة يقدر تعداد سكانها بحوالى 36488 شخصا بكثافة قدرها 95 شخصا للفدان بالمنطقة.وتتكون هذه المنطقة من حيين سكنيين

6- منطقة امتداد شارع رمسيس:

تبدأ هذه المنطقة من ميدان العباسية حتى طريق النصر ويبلغ مسطحها حوالى 65,6 فدان خصص جزء منها  بمدخل العباسية بمسطح 37 فدانا  لإقامة منطقة سكنية بميدان العباسية , تضم مجموعة من المساكن فوق المتوسط تولت إقامتها الشركة وتضم مجموعة من العمارات تتراوح ارتفاعها بين 23 دور و12 دور يزيد مجموع وحداتها السكنية عن المائتي وحدة

7- مناطق الإسكان الاقتصادى:

روعى فى التخطيط العام للمدينة تخصيص مناطق للإسكان الاقتصادى تكون مجاورة للمنطقة الصناعية لإسكان العاملين بها بالقرب من مقار عملهم ويتوفر فى نفس الوقت فيها الاتصال المباشر مع باقى مناطق التعمير. وتبلغ مساحة هذه المناطق حوالى 76 فدانا وقد ساهمت شركة مدينة نصر ( بدون مقابل) بقيمة أراضى ما أقيم – وقت الانشاء -  من مشروعات للاسكان الاقتصادى بهذه المناطق وفيما يلى بيانها:

  •  مشروع إسكان ناصر الاقتصادى:

 وهو يضم مجموعة من المساكن الاقتصادية تولت إقامتها وزارة الإسكان والتشييد ضمن مشروع إسكان ناصر العاجل  بمدينة القاهرة ويقع على مساحة قدرها 72339 مترا مربعا ويضم 22 عمارة سكنية مكونة من خمسة أدوار تشمل 720 مسكنا مكونا من 1 أو 2أو3 غرف بخلاف الصالات وبعض مبانى الخدمات اللازمة للسكان كالسوق وخلافة – وقد أنتهت الوزارة من إقامة هذه المساكن وتم شغلها ويقدر عدد سكانها بحوالى 4000 شخص .

  • مشروع منشأه النصر السكنية:

ويقع جنوب إسكان ناصر الاقتصادى على مساحة قدرها 89900 متر مربع ويضم 16 عمارة سكنية مكونة من 5 أدوار وتشمل 448 مسكنا كل منها مكون من 2 أو 3 غرف خلاف الصالات وقد تولت شركة مدينة نصر إقامة هذا المشروع بمعرفتها وعلى حسابها وتم شغلة ويقدر عدد سكانه بمقدار 3000 شخص.

  •  مشروع الإسكان الاقتصادى بالمنطقة االسابعة:

ويقع جنوب غرب المنطقة السابعة فى الجزء المتاخم للمنطقة الصناعية على مساحة قدرها 132250 مترا مربعا . وقد قامت محافظة القاهرة بإنشاء 20 عمارة سكنية على جزء منه تحتوى على 600 مسكن منها 360 مسكنا من غرفتين وصالة و240 مسكنا ثلاث غرف وصالة وكان يقدر عدد سكانها بمقدار 3500 شخص يصل إلى 10000 شخص بعد إتمام المشروع بالكامل.3


لذا كان تبني فكر الاسكان التعاوني في مدينة نصر اختيارا موفقا لما يتضمنه هذا الفكر من التوازن وتقاسم المسئوليات والاعباء بين الدولة و المواطن في توفير المسكن الملائم بصورة خاصة وعموما لما يعكسه هذا الفكر من تأكيد لدور المواطن في مسيرة التنمية الاقتصادية المصرية .. وقد صدر في 20 سبتمبر 1964 قرارا يحول جمعية مدينة نصر الى شركة لاعطاءها المزيد من المرونة في الاجراءات (6) ..
وعموما .. استمر تنفيذ عناصر المخطط العام الاول لمدينة نصر في الفترة من 1958 وحتى 1971.تم خلال تلك الفترة تنفيذ المجاورة السكنية الاولى طبقا للتصميم الاصلي للوحدات السكنية التي وضعها المعماري سيد كريم  وكذلك تنفيذ وافتتاح العديد من عناصر المخطط الاصلي . حتى صدر في 1971 مرسوم رئاسي لمضاعفة الحيز الحضري لمدينة نصر في اتجاه الشرق .. الا ان هذا التوسع لم يتبع الرؤية المؤسسة لمدينة نصر بل يمكن القول انه كان في الاتجاه المعاكس ..

مدينة النصر في عهد الانفتاح والسوق الحر

ادت الكثير من العوامل في مرحلة السبعينات الى تحول جذري في المجتمع المصري ، من الاشتراكية الى الرأسمالية. حيث  تغيرت مصر الناصرية إلى مصر أخرى معادية للناصرية وإنجازاتها من خلال ما يسمى بسياسة الانفتاح فكان أن انفتحت مصر على الغرب باقتصاده وأساليبه فنشأت طبقات وفئات اجتماعية جديدة، هبطت عليها ثروات ضخمة وصارت لها سلوكيات وإيدولوجيات جديدة ، وتلاشت الطبقة الوسطى وعاد للاقطاع الرأسمالي هيمنته على مقدرات الامور في مصر من جديد .. وقد انعكس هذا الواقع الاجتماعى والاقتصادى الجديد فى فترة الانفتاح على مدينة نصر شأنها في ذلك شأن كافة المدن المصرية ..  حيث تطلعت الطبقات الاجتماعية الصاعدة والتى تمثل الانفتاحيين إلى حقها فى تحسين أحوالها المعيشية والمظهرية فنشأ طلب شديد لسوق جديد من الإسكان الفاخر..  وبالفعل امتلأت سماء القاهرة بعشرات البنايات الضخمة ، وكبرت مسطحات الشقق .. كما ادى قانون العرض والطلب الى الارتفاع الشديد في قيمة الارض ، وخاصة في المناطق الجديدة  فتوجهت شركة مدينة نصر الى بيع الاراضي بدلا من بناء المساكن . كما ظهرت الحاجة إلى أماكن تناسب مواقع العمل المكتبى للشركات والبنوك ورجال الأعمال الجدد والأجانب الذين غزوا السوق المصرى وظهر مصطلح "الإسكان الإدارى" وبنيت عمارات بأكملها لا تصلح إلا لهذا الغرض.. وفرض النشاط التجاري نفسه على استعمالات الاراضي في مدينة نصر وغيرها وظهرت المراكز التجارية  وازدهرت خاصة في فترة الثمانينات و مع دخول الدولة مرحلة العولمة و السوق المفتوح لتصبح مدينة نصر كما نعرفها اليوم مركز تجاري ضخم يبيع للمصريين مالاتصنعه ايديهم .
ودفع تشجيع الدولة لانشاء المدن الجديدة الى التوسع في مدينة نصر وبناء المدن الجديدة على اطرافها التي سكنها الاغنياء وساعد على ذلك شق الطريق الدائري الذي عمل على توسيع المساحة القابلة للربط بقلب القاهرة ، وادى انشائه الى ظهور الكثير من المستوطنات السكنية على محيطة...

أما الفئات الوسطى - السكان الاصليون لمدينة نصر – التي وضعت المدينة من اجل اخراجهم من القاهرة المزدحمة ومنحهم فرصة العيش في مدينة جديدة عصرية ، فإن اغلبهم هاجر للعمل فى الدول العربية كوسيلة للحصول على مقدم التمليك أولم تجد لها سبيلا إلا أن تنتشر فى الأطراف وبعيدا عن أعين السلطة فقامت بهدوء ببناء مناطق  سكنية ومستوطنات موازية  مثل عزبة الهجانة شرق مدينة نصروغيرها من المناطق التي اصبحت في نظر الدولة الأن  واحدة من اهم مشاكل العمران في مصر بل وخطر يهدد الأمن القومي للقاهرة الكبرى (7) ..



يواجهنا تأمل كيف بدأت مدينة نصر والى اين وصلت بما حدث للمصريين انفسهم ..
كيف تؤكد في رحلتها ما يجب ان يكون عليه ذلك التوازن المحسوب ..
بين التطلعات الفردية والحلم الجمعي ..
 بين دور الدولة ودور المواطن في تحقيق كل منهما ..
والعلاقة الوثيقة بين العدالة الاجتماعية والتنمية
 وبين الظلم وخراب العمران ..



المراجع
المسح الاجتماعي الشامل للمجتمع المصري 1952-1980
الميثاق – جمال عبد الناصر
مدينة نصر 1959-1971 ( اصدار خاص عن المدينة اصدرته شركة مدينة نصر للاسكان والتعمير عام1971
القاهرة –سيد كريم
Nasr city – Basel studio
مقال التعاون الاسكاني في مصر الواقع والمستقبل مارس 2013 – محمد رشاد – عن موقع الاهرام الرقمي

مقال بعنوان ازمة الاسكان مشكلة لها حل يناير 2000– وردة هاشم الجارحي – عن موقع الاهرام الرقمي

حقوق الصور الفوتوغرافية والرسومات
مخططات ونماذج المناطق السكنية وقت الانشاء عن تقرير مدينة نصر 1959-1971 الذي اعدته شركة مدينة نصر للاسكان والتعمير عام 1971
 باقي الصور الفوتوغرافية والرسومات التوضيحية عن تقرير بعنوان مدينة نصر اعده  Marc Feochaux , Aurel Martin)
 ETH Studio Basel Contemporary City Institute ضمن مجموعة من الابحاث القيمة عن مدينة القاهرة 2010 اعدها