قراءة في كتاب “ النظرية العمرانية في العبر الخلدونية”

الكتاب : النظرية العمرانية في العبر الخلدونية

المؤلف : طارق والي

تاريخ النشر : 1995



إن واقعنا اليوم يشهد الكثير من التحولات الانسانية على كافة المستويات المحلية والقومية والعالمية مما يجعلها جديرة بأن تجعل من تلك الايام نقطة تحول في تاريخ الانسانية ..

 مرحلة زاخرة بالتغيرات التي تتنوع بين مجتمعات تسعى لتنهض من سبات طويل ودول تصارع من أجل الحفاظ على وجودها وأخرى تشق طريقها في صمت نحو إعتلاء قمة الحضارة الانسانية .. الأمر الذي يفرض علينا ابناء هذا الجيل ، الكثير من الاشكاليات الفكرية والحضارية مما يجعل شحذ طاقات الماضي والحاضر لتخطي تلك الاشكاليات امرا حتميا .. وإنطلاقا من إيماني أن الخطوة الاولى على طريق نهضة مجتمعاتنا العربية هو النهوض بالفكر العربي ، ومن قناعتي بدور التواصل بين الماضي والحاضر في تحديد ملامح المستقبل جائت قراءتي لكتاب " النظرية العمرانية في العبر الخلدونية " ، كخطوة على طريق مواجهة إشكالية  الأصالة والمعاصرة أو القديم والجديد ومحاولة لإبداء الإمتنان و للتواصل مع أجيال سبقتنا في تكريس طاقاتها الفكرية من اجل تحقيق الحلم العربي في إستعادة مكانتنا وإستكمال دورنا الحضاري في مسيرة الانسانية  .

لماذا ابن خلدون  ؟؟

التساؤل الذي يطرحه المؤلف ضمن اشكالية فهم الموروث مع التواصل بالحاضر .

 وتأتي الحاجة لإستقراء فكر ابن خلدون، بل انه يمكن القول إن تلك هي الفرصة المثالية للإستفادة من هذا الفكر الذي طالما وأعتبر من الناحية العلمية مفرق طرق بين مرحلتين وليس ذلك في الفكر التاريخي الاسلامي فحسب بل في الفكر التاريخي الانساني كله .

 أولا : لأن المرحلة التاريخية التي عاصرها ابن خلدون " القرن الثامن الهجري _ الرابع عشر الميلادي " كانت مرحلة تغييرات تاريخية هائلة في أنحاء العالم ، إنه عصر التحول على المستويات السياسية والاجتماعية والفكرية ، تحول نحو النهوض والانبعاث في العالم الغربي ، وتحول نحو التفكك والإنحطاط في العالم العربي وعند نقطة التحول تلك جاء ابن خلدون  ليس واصفا لممالك تتقاتل وليس مجرد شاهد على سقوط دول وقيام غيرها ولكنه جاء باحثا عن أسباب تعاقب الأزمات وتوالي الإنقلابات ومحاولا فهم عوامل نهوض وإنهيار الأمم والحضارات  ووضع الإطار المعرفي لتلك التحولات الحضارية .

و ثانيا : لما يتميز به منهج ابن خلدون الفكري الذي إطلع خلال مراحل دراسته على مختلف جوانب الفكر الاسلامي مما أكسبه تفكيرا منطقيا صارما يجمع بين قوة الاستدلال والقدرة على جمع شتات الواقع الاجتماعي في استقراء علمي سليم . وإستطاع من خلاله أن يتجاوز الفكر التأريخي التقليدي القاصر على رصد الوقائع السياسية والأحداث وتوج فكره بعلم العمران الذي إستنبطه من إستقرائه وفهمه الشامل للمشروع الحضاري للأمة الإسلامية وتناوله بإدراكه السليم وعقله المتفتح لتاريخ المجتمعات البشرية وأسباب تحضرها ، وأراد ابن خلدون من خلال ذلك أن يصل الى معرفة ما يمكن تسميته "بالقوانين الحضارية " فحاول هنا أن يفهم نشأة الأمم ويفسر أسباب تطورها وتقدمها ويرصد تطور عمرانها مدققا ومحللا لينتهي الى نظرية شاملة للعمران ، وحكم جامع لم يسبقه له أحد فكان بذلك رائدا وسباقا .

ملامح النظرية العمرانية الخلدونية

كما رصدها المؤلف وهي تحمل رؤية ذاتية تعبر عن تحليل المؤلف وإستقراءه لفكر ابن خلدون ووضعه في إطار تنظيري جديد أو مختلف يرتبط بالعمران كما أراده ابن خلدون وفهمه المؤلف.

وابن خلدون يدعوننا الى النظر الى العمران في شموليته لنستقرأ فيه القانون أو القوانين الأبدية في تمييز الحق من الباطل ، لقد حاول ابن خلدون إستنباط تلك القوانين أو العوارض الذاتية وصياغة النظرية حول إشكالية العمران والدولة وتطورهما ودورتهما التاريخية في الماضي التاريخي والحاضر الواقع والمستقبل المنتظر وفي ذلك إيجاد للتوازن المطلوب بين الزمان والمكان للمجتمع الانساني عامة والمجتمع العربي الإسلامي خاصة ..

و العمران عند ابن خلدون له ثلاثة أبعاد رئيسية هي :

الانسان : هو محور الوجود وقيام العلاقات الحياتية وإطاره المجتمع .

المكان :  هو محور العمل وضمان بقاء الوجود والحياة وإطاره الدولة .

الزمان :  هو محور التغيير .. والإستمرارية في الحياة أو الفناء وإطاره العلاقة التبادلية بين المجتمع والدولة .

ومن خلال قراءة تحليلية للتجربة الحضارية حدد ابن خلدون ثلاثة عوامل فاعلة في عمران المجتمعات عموما والمجتمع العربي بصفة خاصة وهي :

العامل الأيديولوجي : وركيزته الأساسية في المجتمع العربي هي الدين الذي يلعب دورا محوريا في عمران المجتمعات الاسلامية إلا أن فاعلية هذا الدور مشروطة لدى ابن خلدون بعوامل اخرى على رأسها :

العامل الاجتماعي : ويتمثل في " العصبية" فهي آلية المجتمع في تأسيس الدولة ونشوئها وسقوطها ، فبقدر قوة العصبية تقوم الدولة وتتطور وبقدر إنحلال العصبية في الأجيال التالية المترفة تسقط أو تنحل .

العامل الإقتصادي : فالحاجات الإنسانية تحتل مكانة بارزة في تفسير نشأة العمران وتطوره فهي التي تدفع الأفراد الى تأسيس الجماعات التي تضمن لهم توفير تلك الحاجات .

وتتفاعل تلك العوامل فيما بينها حسب قوة كل منهما وهيمنته على غيره من العوامل لترسم شكل العمران الإنساني وتحدد طبائعه بل وتقرر فترات تألقه وتحدد توقيت انهياره ..

 ويتمثل العمران دائما عند ابن خلدون في محوران متوازيان لاغنى لاحدهما عن الآخر بل لا وجود لأيهما دون الآخر هما : الدولة و المدينة .

الدولة :

" الدولة والملك للعمران بمثابة الصورة للمادة ، وهو الشكل الحافظ بنوعه لوجودها ، وقد تقرر في علوم الحكمة انه لا يمكن إنفكاك أحدهما عن الآخر ، فالدولة دون العمران لا تتصور ، والعمران دون الدولة والملك متعذر ، لما في طباع البشر من العدوان الداعي الى الوازع "

يرى ابن خلدون أن كلية العمران تتجسد في الدولة وعلاقتها بالمجتمع ، فكما أن كل شيء في الوجود حسب المنطق القديم مادة وصورة فكذلك العمران : "مادته الإجتماع وصورته الدولة ".

وحجر الزاوية في هذه الإشكالية عند ابن خلدون هو ذلك التوازن الخفي بين الدولة والمجتمع أو بين الراعي والرعية ، هذا التوازن الذي يضمن الإستمرارية الحضارية المتطورة للمجتمع والدولة  والعمران . هذا التوازن الذي حمله المشروع الحضاري للأمة الإسلامية منذ إنطلاقتها الأولى على يد سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وحملها المسلمون الأوائل فاتحين الامصار مجاهدين ومجتهدين في تنظيم أمورهم ومؤسساتهم الدنيوية ولا سيما المدينية .

المدينة :

وتقوم المدينة عند ابن خلدون باعتبارها " غاية العمران " التي هي نفسها " غاية الملك " ومتى وصل العمران إلى غايته كان ذلك إيذانا بفساده وخرابه .

وإذا كانت نشأة المدن هي حالة من حالات تطور العمران البدوي إلا أن هذا التطور يرتبط بصورة أساسية لدى ابن خلدون بالدولة ..أي بالمؤسسة الحاكمة  أو كما يسميه ابن خلدون" كرسي الملك" فوجوده هو العامل الأكثر فعالية في تطور أي مدينة " إن الدول أقدم من المدن والأمصار ، وإنما توجد ثانية عن الملك " فهو يربط بين قيام الدولة وتطورها وما يطرأ على الخريطة العمرانية من إزدهار لحركة التمدين والنمو ، كما يربط ابن خلدون في المقابل بين إضطراب أحوال الدولة في أواخر أيامها وما تتعرض له المدن من تدهور وخراب وذلك لما يحدث في مثل هذه الفترات من أحداث ترتبط بطبيعة هذه المرحلة من حياة الدول .

إن التجربة الواقعية التي عاصرها ابن خلدون لزمن فقدت فيه الأمة الإسلامية للتوازن بين قوى الدولة والمجتمع وإنحلت فيه أواصر العصبية التي طالما ربطت بين عناصر تلك الأمة ونتج عن ذلك كله الإنهيار الأكيد لتلك الحضارة العريقة بالإضافة الى قدرته على تحليل الامور ورؤيتها بطرق فلسفية تبحث ما وراء الظواهر لتستنتج القواعد العامة التي تحكم سريان الامور هي التي أصّلت لأن تكون لدى ابن خلدون نظرياته الخاصة المتعلقة بالعمران والحضارة الإنسانية وأن تكون تلك النظريات أقرب ما تكون للواقع .

وخاصة أن مرحلة التحول التي عاشها فرضت عليه الكثير من التساؤلات التي جعلها محورا لفكره وعاش باحثا ومحاولا أن يوضح ويفهم لماذا انتقل الملك من العرب؟ وما هي الاشكال الجديدة للسلطة ؟ وما هي الدورة الحضارية الحاضرة ؟ ولماذا توشك ان تنتهي ؟

الدورة الحضارية

" إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر ، وإنما هو إختلاف على الأيام والأزمنة ، وإنتقال من حال إلى حال ، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول "

إن مرحلة التحول في تاريخ الإنسانية التي عاشها ابن خلدون أملت عليه احد أهم أهداف دراسة العمران الانساني ألا وهو فهم الكيفية التي تسير بها تلك التغيرات والتحولات والعوامل المؤثرة فيها .. فوصل من دراسة نشأة الدول وإنهيارها الى ما نعرفه بإسم " الدورة الحضارية " ، وجاءت رؤيته للدورة الحضارية متلخصة في أن عمران العالم يسير في دورات تاريخية ، هذه الدورات تختلف إحداها عن الأخرى بطريقة غير واضحة بعض الشيء عن طريق التبدل في الأعصار ومرور الأيام التي تتغير خلالها الأحوال في الشعوب والدول القبائل . ويقيم ابن خلدون ثلاثة أسس على أساسها يتحرك التاريخ :

الأساس الأول يرى أن سقوط دولة من الدول ليس كافيا لختم فترة تاريخية أو دورة تاريخية والبدء بدورة تاريخية أخرى .

لا بد من إضافة العامل الأساسي الثاني : لابد أن تحدث عصبية في أمة لم تكن مهيأة للسلطة من قبل ، والعصبية تكون بإتحاد رأي هذه الأمة وإجتماع شملها وإستلامها السلطة وعند هذا فقط تبدأ دورة تاريخية جديدة .

وعندما تتحد الأمة في ظل العصبية الجديدة وتقوم الدولة الواحدة يكون ذلك مصحوبا عادة إما بحدوث ملة جديدة أو بإنتهاء حضارة أو إعتمار ماض ، وبهذا يتحقق الاساس الثالث لنشجة دورة تاريخية جديدة على هذه الأسس الثلاثة .

العبر الخلدونية  بين الماضي والمستقبل

حيث يرتبط الموروث الحضاري بالرؤى المستقبلية لاستنباط الانسان والتي يبرزها الكتاب حسب المنهجية التحليلية التي اتبعها المؤلف وهي بالتعبير الخلدوني " العبر " أي التجارب المستفادة نحو الانطلاق للمستقبل

 إن مثل تلك الرؤية المتكاملة للسياق الحضاري للعمران لا يمكن نسبها الى تجربة ابن خلدون الشخصية فحسب بل إن العامل الأكبر تأثيرا في تلك الرؤية هي منهجه الفكري و نظرته للتاريخ وإيمانه بدور استقراء ذلك التاريخ في رسم معالم الحاضر والمستقبل . فالتاريخ عند ابن خلدون هو معرفة الماضي لا الماضي نفسه كأحداث ، بل إن أحداث الماضي عنده معينة على فهم الحاضر ومشاكله .. لقد إكتشف ابن خلدون ذلك الحوار الجدلي القائم أبدا بين الماضي والحاضر :" إن مشاكل الحاضر تدفعنا إلى الرجوع إلى الماضي ، إلى التاريخ ، ولكن هذا الأخير يردنا بدوره إلى الحاضر ، فالماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء – فكما يتوقف فهم الحاضر على الرجوع الى الماضي ، يتوقف فهم الماضي على فهم الحاضر ."

ولأن نقطة الانطلاق في كتاب النظرية العمرانية في العبر الخلدونية هي إعتبار الثقافة وحدة كلية متكاملة وعملية مستمرة تتعدى في وجودها اللحظات الزمنية الانية وتتصل حلقاتها بعضها ببعض على مر العصور وطول المكان ، وهذا معناه أن تلك الثقافة التي يحملها ضمير المجتمع ويعبر عنها تراثه تنمو وتتطور وتكتسب قدرات جديدة بإستمرار . وأنه يتحتم إخضاع الموروثات الفكرية على إختلافها للظروف المعاصرة لها ضمن محدودية الزمان والمكان للعالم أو المفكر أو الكاتب . ثم إخضاع تلك النظريات إذا لزم الأمر أو بعض القضايا والأحكام فيها للفحص والإختبار في ضوء المعطيات والأوضاع الراهنة التي تسود الأن .

ولهذا ربما يقدم لنا هذا الكتاب النظرية العمرانية المتكاملة لابن خلدون التي تضع بين أيدينا الاسباب والأطر العامة لنشوء العمران موضحا لنا بتلك النظرية  اهمية التوازن بين الدولة والمجتمع وأثر الخلل في هذا التوازن على العمران والدولة والمجتمع . أو لنكتشف من خلال هذه النظرية مثلا أحد أخطر الامراض التي أصابت مجتمعاتنا وعمراننا وهو إنحلال عقدة العصبية وتفكك وحدة الأمة. ولكن في رأيي وقراءتي أن الامر أبعد من ذلك  فالكتاب يقدم أكثر من مجرد تحليل للنظرية العمرانية ، إنه يقدم إستقراء للتجربة الانسانية لابن خلدون ويقدم لنا كاتبه تلك التجربة متخذا في ذلك منهجا يتسم بالوسطية او التعادلية والتوازن المحسوب بين الزمان والمكان .. فلا يقدس الماضي على حساب الحاضر والمستقبل ولا يسقط حضارة المجتمع لحساب الحاضر والمستقبل . منهجا يدرس القديم لفهمه واستخلاص ثوابته لنشكل بها مصادر معرفتنا ونبني عليها افكارنا وسلوكياتنا العقلية لحل مشاكلنا الانية ، مؤكدا على أن ذلك المنهج إذا كان هو ذاته سر من اسرار عبقرية ابن خلدون محور هذا الكتاب فإنه ايضا مفتاح حل إشكالياتنا الفكرية المعاصرة التي طالما تاهت بين الماضي والحاضر وتمزقت مابين القديم والجديد .

والنظرة المتأملة لهذا المنهج تكشف من الوهلة الأولى العلاقة الوثيقة بين المنهج الفكري والهدف المنشود من هذا الفكر ، لقد عكف ابن خلدون على جمع شتات ماضيه وحاضره وقراءة تاريخ أمته وتحليل احداث واقعه بهدف الخروج من الأزمة النفسية والفكرية التي عاصرها في مرحلة إنهيار الحضارة الاسلامية التي كان هو جزءا منها ووضع نصب عينيه تأطير أسباب نشوء وإنهيار الحضارات مؤمنا بدور الأساس العلمي في رسم مشروع حضاري نهضوي عربي يعيد المجد المنهار ويستعيد الحضارة الفائتة .. الطريق ذاته الذي سلكه المؤلف طارق والي عندما قدم لنا هذا الكتاب ليمثل إعادة قراءة لجزء من تاريخنا بصورة تجعل منه بوابة تفتح امامنا آفاقا جديدة للمستقبل وتضع أيدينا على مواطن الضعف والقوة في عمراننا وحضارتنا ، ويبدأ لنا دربا أوله هو هذا الجهد في قراءة التاريخ بمعطيات الحاضر وأدواته وآخره لن نتمكن من إكتشافه إلا إذا تمكننا من سلك نفس الدرب  مستعينين في ذلك بنصيحة ابن خلدون  حول كيفية مواجهة العثرات الحضارية عندما قال : " " فليرجع الانسان الى أصوله ، وليكن مهيمنا على نفسه ، ومميزا بين طبيعة الممكن والممتنع بصريح عقله ، ومستقيم نظرته . فما دخل في نطاق الامكان قبله ، وما خرج عنه رفضه ، "

إن معاصرة ابن خلدون وآنية الفكر الخلدوني لا تأتي من تكراره بغباء وبلا تبصر ولكنها تعني الوصول كما يقول هو نفسه الى تفسير كيف ولماذا تكون الاشياء كما هي في العالم الذي نحيا فيه ضمن محدودية الزمان والمكان .

وتأتي قراءتي لكتاب يعيد قراءة ابن خلدون بشكل ورؤية معاصرة بالمفهوم الزمني ومتأصلة بالمفهوم الحضاري ، لتمثل جزءا من رؤيتي للكتاب وللفكر وللمنهج .. ويبقى للقارئ ان يكتشف بنفسه  رؤيته الخاصة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق