ذلك الصراع الذي يدور اساسا حول اشكالية وهمية توحي لكل فرد
انه امام اختيار محوري ستدور حوله دنياه وآخرته ، ويوهم الكثيرين انه امام اختيار بين
نقيضين سيبدل ترجيح كفة اي منهما على الاخر وجه الحياة في بلادنا .. وانه باختياره
ذلك سوف يفصل الى الابد في اشكالية الاصالة والمعاصرة التي تجمد امام الفصل فيها
مجتمعنا العربي منذ قرون .. الا أن الأمر بأكمله اشبه بتعدد
لمسميات مضمون واحد .. وقد تؤدي بنا في
النهاية جميعها إلى نتيجة واحدة ..
إن المشهد المتكرر لكل تلك الهزائم والاحباطات المتلاحقة التي تصيب هذا
الوطن يوما تلو الآخر يصر أن يطرح نفسه سؤالا عصيا على عقلنا الحائر أن يجيبه ؟؟
من المسئول عن تلك الهزائم ؟؟
من المسئول عن ذلك الصراع الذي يدور اليوم في كل ميدان من ميادين مصر بل وفي
كل شارع و في كل بيت ؟؟
من المسئول عن استبدال صوت
الجماهير المنادية بالحرية والكرامة بصراخ لشيع متفرقة لا هدف لها سوى مناصرة أشخاص ولو كانوا على الباطل وتسفيه آخرين
ولو كانوا على الحق ؟؟
من المسئول عن إسالة كل تلك الدماء على الأرض واستبدال ما تبقى في عروق الأحياء
بأنهار من الانانية وحب الذات ؟؟
من المسئول عن حالة الارتباك والبلبلة التي أصابتنا عقولنا جميعا فأفقدت
الكبير توازنه قبل الصغير ؟؟
من المسئول عن انقلاب الموازين وتحول الأهداف الكبرى التي جمعتنا يوما إلى مجرد تفاصيل ..
آلاف من التفاصيل نتجادل حول ملكيتها وحكمها الفقهي في الطرقات ؟؟
من المسئول عن تشويه بصيرتنا الجماعية وتشويه رؤيتنا للواقع الذي نحياه
ولأولويات توجهاتنا كدولة ومجتمع ليصبح صوت الصراع أعلى من صوت العقل ، وصياغة
مواد للدستور أهم من توفير الخبز للفقراء ، والدفاع عن الحزب و الجماعة أولى من
الدفاع عن الأرض والوطن ؟؟
من المسئول عن تلك الهزائم ؟؟
تأملات حول
" فلسفة الثورة "
قراءة في :
" كتاب فلسفة الثورة " و " مشروع الميثاق" للزعيم الراحل :
جمال عبد الناصر
"
إن الحلول الحقيقية لمشاكل أى شعب لا يمكن استيرادها من تجارب شعوب غيره ، ولا
تملك أى حركة شعبية فى تصديها لمسئولية العمل الاجتماعى أن تستغنى عن التجربة.
ولابد للتجربة الوطنية الحقيقية ألا تفترض مقدماً خطأ جميع النظريات السابقة عليها
، أو تقطع برفض الحلول التى توصل إليها غيرها؛ فإن ذلك تعصب لا تقدر أن تتحمل
تبعاته . خصوصاً وأن إرادة التغيير
الاجتماعى فى بداية ممارستها لمسئولياتها تجتاز فترة أشبه بالمراهقة الفكرية؛
تحتاج خلالها إلى كل زاد فكرى، لكنها فى حاجة إلى أن تهضم كل زاد تحصل عليه ، وأن
تمزجه بالعصارات الناتجة من خلاياها الحية ومن تجربتها
المعاصرة
(1)"
استوقفتني
كثيرا تلك الكلمات وأنا في بداية رحلة البحث عن إجابة للسؤال الأهم والذي صار محور
حاضرنا : كيف نحقق التغيير الذي نريد ؟؟
استوقفتني
تلك الكلمات لأنها تفتح أمام عقلي الحائر أبواب تجارب كثيرة قد يكمن خلف أي منها
مفتاح الإجابة على أسئلة مجتمعنا الباحث عن التغيير .. واستوقفتني لأنها لمست برفق
ما نشعر به اليوم من ارتباك وحيرة وتردد ، ولأنها واجهتني بأن طريق التغيير لابد وأن
يبدأ من داخل أنفسنا .. لابد لكل منا أن يبحث عن حلول مشكلاته في أعماق ذاته .. وأن
يتزود مجتمعنا بقبس من تجارب الماضي وما أكثرها لعلها تنير له طريقاً إلى الغد
الذي يسعى إليه ..
إذا كان فساد النظم السياسية التي انتفض الوطن العربي من مشارقه إلى مغاربه لمقاومتها وإسقاطها هو المسئول عن تردي أحوال مجتمعاتنا اقتصاديا وتراجعها فكريا ، لماذا خضع المجتمع العربي لهذا الفساد عقودا طويلة ورضي بدور المفعول به بدلا من دور الفاعل ؟؟
لماذا اصبحنا نعيش على هامش الحياة بدلا من أن نقاتل من أجل كرامتنا وأحلامنا ؟؟
لماذا تغيرت رؤيتنا للقيم التي طالما رسمت معالم حضارتنا فأصبحنا نرى الحرية فوضى ، والشجاعة تهور ، والجبن حكمة وتعقل ، ما الذي قد جعلنا قد ألفنا الأدب مع الكبير ولو داس رقابنا ، وألفنا الثبات ثبات الأوتاد تحت المطارق ، وألفنا الانقياد ولو إلى المهالك ، وألفنا أن نعتبر التصاغر أدبا ، والتذلل لطفا ، والتملق فصاحة ، وترك الحقوق سماحة ، وقبول الاهانة تواضعا ، والرضى بالظلم طاعة ، ودعوة الاستحقاق غرورا ، والبحث في العموميات ( المصالح العامة ) فضولا ، ومد النظر إلى الغد أملا طويلا ، والإقدام تهورا ، وحرية القول وقاحة ، وحرية الفكر كفرا ، وحب الوطن جنونا..
لقد برهن الحراك شبه
الجماعي للمجتمعات العربية منذ مطلع 2011على حاجتها الماسة للتغيير . وعلى أن
التغيير هو معبر تلك المجتمعات نحو حلم النهضة من جديد .. وبرغم الاجماع على
الغاية الا ان الوسائل لا تزال محل كثير من الاختلاف .. اختلاف يعمي الأبصار عن
رؤية الحقائق ، ويحول بينها وبين إدراك ما يجب أن يطرح اولا :
هل يمكن بناء نهضة بعيدا عن
نهج معقول وفي غياب عقل ناهض ؟؟
سؤال نحو تغيير المجتمع العربي
Popular Posts
-
يعكس مشروع مدينة نصر الكثير من التحولات التي شهدها المجتمع المصري منذ ثورة يوليو 1952 وحتى وقتنا هذا .. حيث مثلت في بدايتها الترجمة الحي...
-
غسان كنفاني - من تصميم منى موسى .. إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضية بتلك الكلمات لخص فارس المقاومة الثقافية " غسان كنفاني – ...
-
في بداية تكوين الحركة السودانية المركزية (حسم) كان المفكر الأستاذ محمد آبو القاسم حاج حمد يتحدث لمستمعيه بمنزل الصحفي ناصف صلاح...
عرض كتاب رحلة القاهرة المحروسة من عصر الولاية إلى عصر الاستقلال الوطني
كانت وستظل القاهرة المحروسة، تاريخها وحاضرها، حكامها وشعبها، عمرانها وعمارتها، مجالا للبحث وللدراسة.. كتب عنها المؤرخين والرحالة والجغرافيي...