من ؟؟

إن المشهد المتكرر لكل تلك الهزائم والاحباطات المتلاحقة التي تصيب هذا الوطن يوما تلو الآخر يصر أن يطرح نفسه سؤالا عصيا على عقلنا الحائر أن يجيبه ؟؟
من المسئول عن تلك الهزائم ؟؟
من المسئول عن ذلك الصراع الذي يدور اليوم في كل ميدان من ميادين مصر بل وفي كل شارع و في كل بيت ؟؟
من المسئول عن استبدال صوت الجماهير المنادية بالحرية والكرامة بصراخ لشيع متفرقة لا هدف لها  سوى مناصرة أشخاص ولو كانوا على الباطل وتسفيه آخرين ولو كانوا على الحق ؟؟
من المسئول عن إسالة كل تلك الدماء على الأرض واستبدال ما تبقى في عروق الأحياء بأنهار من الانانية وحب الذات ؟؟
من المسئول عن حالة الارتباك والبلبلة التي أصابتنا عقولنا جميعا فأفقدت الكبير توازنه قبل الصغير ؟؟
من المسئول عن انقلاب الموازين وتحول الأهداف الكبرى التي جمعتنا يوما  إلى مجرد تفاصيل ..
آلاف من التفاصيل نتجادل حول ملكيتها وحكمها الفقهي في الطرقات  ؟؟
من المسئول عن تشويه بصيرتنا الجماعية وتشويه رؤيتنا للواقع الذي نحياه ولأولويات توجهاتنا كدولة ومجتمع ليصبح صوت الصراع أعلى من صوت العقل ، وصياغة مواد للدستور أهم من توفير الخبز للفقراء ، والدفاع عن الحزب و الجماعة أولى من الدفاع عن الأرض والوطن ؟؟
من المسئول عن تلك الهزائم ؟؟
الأفراد تتهم الجماعات والنخبة تتهم العامة ..
المجتمع يتهم الدولة والدولة تتهم طرف ثالث لا نعلم عنه سوى آثار وجوده .
نجهل الفاعل فنتهم المفعول به ، وننسى الجاني ونحاكم ظله ..
الكل يحاكم الآخر ووحده الآخر هو المسئول ..
الآخر هو المسئول عن جهلنا وضعفنا ، مسئول عن أنانيتنا وفوضويتنا ، مسئول عن حقوقنا المنهوبة وعن واجباتنا المنسية ، مسئول عن عقولنا النائمة وأخلاقنا التائهة وضمائرنا الغائبة ، مسئول عن أيادينا المغلولة بلا قيود وكلماتنا المرسلة بلا داعي أحيانا وبلا جدوى غالبا ..
لقد تعودنا القاء اللوم على غيرنا والهروب من مواجهة أخطائنا  واصبحنا نتفنن في إيجاد هذا الآخر من العدم  .. نتفنن في الحديث عن دوافعه المغرضة ومكائده الخفية وأياديه الملطخة بدمائنا   ..
نتهم الآخر بأنه استعبدنا سنوات طوال وننسى أننا نحن من استعبدنا انفسنا ، نسينا الحرية فضلت طريقها إلى صدورنا .. ورحنا نبذل الغالي لنستبدل قيودنا بأخرى جديدة ونزهو بأننا هذه المرة اخترناها بأنفسنا لأنفسنا عبر صناديق الاقتراع ..
نتهم الآخر بأنه السبب في جهلنا وظلمة حاضرنا وننسى أجيال من علماءنا ومفكرينا استطاعوا بإرادتهم أن يتحدوا تلك الظلمة وتمكنوا بعلومهم أن ينيروا للعالم من حولنا دروباً نحو مستقبل نحن اليوم عنه أبعد ما يكون ..
نتهم الآخر بأنه السبب في فرقتنا وتشتتنا وننسى أننا  نحن من إحترفنا فن الإنقسام حتى على أنفسنا وتركنا عصبيتنا ونرجسيتنا تنهش وحدتنا وهدفنا المشترك ..
سيظل الآخر يعبث بمصيرنا كيفما شاء ما دمنا نحمله وحده مسئولية تقصيرنا نحن  ..
مادمنا لم نعترف بأن لا شيء سيتغير إذا لم نتغير نحن ..
مادمنا نتكلم أكثر مما نعمل ونختلف أكثر مما نتفق ونكره أكثر مما نحب ..
مادمنا نقدم مصالحنا وأهواءنا الشخصية وعصبيتنا لجماعات وشيع لن تغني عنا شيئا إذا  انهار هذا الوطن.
ومادمنا ندور في حلقات لا نهائية من كلمات بلا أفعال ودستور بلا دولة ، مادمنا نسعى الى حرية بلا مسئولية ، ونتيجة بلا جهد و ثورة بلا تغيير ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق